Tuesday, August 30, 2005

لماذا مزاج؟

ربما يكون هذا هو السؤال الذي طرأ على ذهن كل من قرأ هذه المدونة .. أو مر عليها. طبعا العلاقة واضحة فالمدونة ستناقش كل ما هو متعلق بالنفس من حزن ويأس ، ومن فرح وبشري .. وهي ستعكس أحوال الإنسان في أوضاع عدة وبالتالي ستهتم بـ"المزاج" الإنساني في أشكاله المختلفة.

والحق أن تسمية المدونة بهذا الاسم لم يكن الغرض منه كل هذه المعاني. لقد سميت هذا المدونة "مزاج" نظرا لحبي الشديد لرواية بهذا الاسم كتبها الكاتب الفرنسي الشهير والصحفي بجريدة اللوموند الفرنسية "روبير سوليه". لقد قرأت هذه الرواية منذ ثلاثة أعوام للمرة الأولى ومنذ هذه اللحظة وشخصية باصيل بطركاني بطل الرواية تطغى على الكثير من تصرفاتي .. إنها شخصية جديرة بأن تحتذي. استعرت هذه الرواية من إحدى صديقاتي الأعزاء جدا .. ورغم أنها بنت محافظة ولا يجوز أن أتصل بها تليفونيا في الواحدة ليلا مثلا، إلا أنني عندما انتهيت من هذه الرواية، وكانت الساعة قد تجاوزت الواحدة وكنت أعرف أنها لازالت مستيقظ، لم أتمالك نفسي .. وأمسكت بالتليفون، فقط لكي أقول لها- والضحكة تملأ وجهي والارتياح يغمر نفسي- "منى: شكرا جزيلا". لا أكثر ولا أقل.

هذه الرواية تحكي عن شاب ولد في مصر من أصول فرنسية يسافر إلى فرنسا بعد العدوان الثلاثي تقريبا لكي يبحث هناك عن فرصة عمل. كل من أخبرهم بنيته للسفر أوصوه أن يتصل بمصري مقيم في فرنسا منذ فترة طويلة ويدعى باصيل بطركاني ... وعندما يحل الصبي بباريس يفاجأ بأن هذا الباصيل يقطن في حي شديد الفقر ولا يوجد على مظهره أي دلالة على أنه رجل ذو حيثية أو حتى ذي مكانة في المجتمع. يزوره في مكتبه فيلحظ أن حذاءه مقطوع من أسفل .. ولا يملك في مكتبه أي شئ سوى مجموعة من دفاتر التليفونات. يطلب منه الشاب مكانا رخيصا للإقامة وعمل إن أمكن .. ويعده باصيل بأن يدبر له هذه الأمور في أقرب فرصة. يذهب الصبي وكله ثقة بأن هناك لغز ما حول باصيل ويدور تعجبه حول هؤلاء الذين أوصوه بالاتصال به والكلام الأسطوري الذي سمعه عنه .. ويستقر في نفسه بأن باصيل هذا حتما لن يكون مفيدا على الإطلاق.

تمر الأيام يتصل باصيل بالشاب لكي يقول له بأن لديه عمل مؤقت وعليه أن يمر على مكتبه ليعرف التفاصيل. يفاجأ الشاب بأن العمل ما هو إلا الإقامة في شقة ما، يزعم باصيل بأنها لأحد الأساتذة في الجامعة .. وسيتحتم على الشاب الإقامة بها إثناء تغيب هذا الأستاذ في مؤتمر علمي خارج البلاد .. وهنا تساور الشاب الشكوك في هذا الأمر .. ولكن المهمة تمر بسلام .. وتكون بداية التعارف الحقيقي بين الشاب وبين باصيل .. بعد فترة يرسل باصيل إلى الشاب بطاقتين لأحدى المباريات النهائية في بطولة رولان جاروس ..لأنه لا ينوى الذهاب .. فيفاجأ الشاب بأن البطاقتين في مكان مميز تماما. وتمر الأيام ويقترب الشاب من باصيل. ويدعوه باصيل على العشاء في إحدى المطاعم الراقيه في باريس وكعادته، يفاجأ الشاب بأن المطعم بكامله من مديره إلى أصغر العاملين به يعاملون باصيل معاملة خاصة جدا .. معاملة كلها حب واهتمام .. وهو أيضا يعاملهم كأب .. وهنا تبدأ التساؤلات التي لا تنتهي لماذا كل هذا الاهتمام .. ولماذا يحظى باصيل بطركاني بكل هذا الاهتمام ..

وهنا لن أستطيع أن أواصل حتى أترك لك متعة القراءة ومتعة الاستمتاع بهذه الرواية الفريدة _من وجهة نظري_ التي قد تغنيك عن قراءة عشرات الكتب في علم النفس أو عشرات الكتب التي تتكلم عن كيفية التعامل مع الناس والسلوك مع الآخرين.

سأكون سعيدا لو واصل أحدكم قراءة الرواية وكتب لي عن انطباعاته عنها خصوصا والرواية تحتل مساحة عزيزة في نفسي.

اسم الرواية: "مزاج"
المؤلف: روبير سوليه
الناشر: دار ورد – سوريا
مكان الشراء: مكتبة روزاليوسف في شارع القصر العيني
أو، مكتبة مدبولي – ولكنه قد يبيعها أغلى من روزاليوسف