Tuesday, September 06, 2005

أنا وأنت والحياة


كل المشكلات التي تقابلنا في الحياة تنبع أساسا من ثلاث مشكلات رئيسية. مشكلة تعاملنا وفهمنا لأنفسنا، ومشكلة تعاملنا مع الآخر أيا كان هذا الآخر، وأخيرا مشكلة تعاملنا مع العالم من حولنا وفهمنا للمشكلات ولطبيعة الحياة التي نعيش فيها. والحقيقة أنني لم أكن أدري أن كل المشكلات التي أعاني منها في حياتي يمكن حلها في إطار المشكلات الثلاث الرئيسية.

لو تأملت في هذا الطرح قليلا ستكتشف أمورا غريبة إلى حد بعيد .. فبالتأمل في المشكلة الأولى وهي كيفية التعامل مع النفس يمكنك أن تسال نفسك وتجاوب بصراحة شديدة هل تعاملت مع نفسك من قبل .. هل أجريت حوارا مع نفسك .. والحوار مع النفس غير "اللي بيكلم نفسه" الحوار مع النفس فيه مصارحة ومكاشفة عالية جدا .. قد يصل الأمر في بعض الأحيان أن تسأل نفسك أشياء وتخشي أن تجيب عنها .. يعني هل سألت نفسك من قبل لماذا أكذب؟ هل ربت على كتفي نفسك من قبل؟.. لا تستغرب هذا التعبير .. فهو حقيقي .. هل قلت لنفسك "معلهش" لا تغضبي أنت أفضل، وأكثر نظافة مما يتخيل الناس عنك .. هل قلت لنفسك أنها محترمة .. هل استطعت أن تعترف لنفسك من قبل بأنك عربيد وبأنك لست هذا الشخص المحترم الذي ينظر إليه الناس بكل تقدير وإجلال .. هل استطعت أن تجري حوارا بينك وبين نفسك مطولا لتكتشف فيه جذور شعور معين أو سلوك معين تسلكه منذ أن كنت صغيرا ولكنك بعد فترة نضج ما، بدأت تتساءل لماذا أفعل هكذا وأسلك بهذه الطريقة مع الناس .. إن كل حوار تجريه مع نفسك تكتشف فيه بعدا قد يكون خافيا عليك ولم تكتشفه من قبل .. والأمر ينطبق تماما على كل حوار تجريه مع الآخر فيه من المكاشفة والمصارحة ما يعزز ثقتك ووعيك بنفسك .. هل سألت نفسك لماذا لا تستطيع أن تتحدث عن نفسك بصراحة أمام الآخرين. هل استطعت يوما أن تجلس بجوار صديق وتحكي له بكل شفافية وصدق عن حادث ألم بك .. أو شعور أو نازع يعترضك .. هل اكتشفت بعدها شيئا بداخلك لم تكن تلمسه من قبل؟ هل أدركت يوما بأن في داخلك قديس صالح، وفي نفس الوقت عربيد أصيل .. الم تدرك من قبل بأنك معظم الوقت ترتدي "قناع" ما تتعامل به مع الناس، وسرعان ما ينكشف هذا القناع مع أول تواصل حقيقي بينك وبين الآخر.

أما المشكلة الثانية، فهي مشكلة تعاملنا مع الآخر. والحق أن كلمة الآخر أعني بها كل من هو غيرك. هل تشعر بأن لديك ما تقدمه للآخر وأن الآخرين لديهم ما يقدمونه لك؟ هل تشعر بأن الناس، كل الناس متساوون؟ هل تتعامل مع الزنجي والأمريكي والعربي سواء بسواء .. أم تشعر بأن هناك اختلاف بينهم على مستوى الدرجة؟ .. هل شعرت يوما بأننا كمصريين بصفة عامة شعب عنصري؟ .. ألم تسمع صديقا أو قريبا لك يصف إنسانا أسود اللون بأنه عبد؟ .. ألا تشعر بأن هناك اختلاف بينك وبين صديقك المسلم أو المسيحي .. هل تشعر بأنه هناك عنصرية في تعاملك مع الأديان الأخرى وتشعر بتميزك عليهم أيا كان دينك .. كل هذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى إجابات ووقفات مع الذات أساسا لكي نتفهمها ونعالجها .. الحق أننا لا نصغي جيدا لأنفسنا كما أننا لا نصغي جيدا للآخرين .. كل ما لدينا من هم هو أن نثبت أنسنا في مقابل محو أو تجاهل الآخر. كل ما يعنينا أن نتكلم نحن ويسمعنا الآخرين. كل ما يعنينا أن يقبلنا الآخرين .. ولا يدر في بالنا أن نقبل نحن الآخرين كما هم. نريد أن يرضى عنا الناس دون أي تغير من جانبنا .. ولا نرضى نحن بأقل هفوة أو خطأ من جانب الآخرين .. أسهل شئ في الدنيا هو أن نلقي بالمسئولية على الآخر .. هل تحملت يوما مسئولية خطأ ما ارتكبته واعترفت به بكل شجاعة. هل قلتها صراحة وقلت : أنا غلطان.

أما المشكلة الثالثة فهي مشكلة التعامل مع الحياة .. مع الوقت الحاضر .. وهل هناك وقت حاضر أساسا .. ومع الماضي الذي لا نستطيع أن نتخلص منه وهو يشكل جزءا أساسيا من تكويننا .. شئنا ذلك أم أبينا. ومع المستقبل القابع بظله في ذهننا وتطاردنا أحلامه في اليقظة قبل النوم. ماذا نفعل مع المشكلات العاطفية التي تلم بنا .. مع فقد عزيز أو موت قريب؟ والكثير الكثير من المشكلات التي تطاردنا في الحياة. تلك هي خطة هذه المدونة في العمل ويسعدني أن أتلقى تعليقاتكم ونشرها كجزء من هذه المدونة وليس كتعليق .. يمكنكم مواصلتي ومراسلتي على الإيميل الموجود بالمدونة .. ولكم خالص المودة والحب.

2 Comments:

At 11:36 AM, Blogger R said...

يعجبني أنّ كتابتك منظمة ولها خطة. حاجة تعقّد واحد زيي بيستطرد أكثر ممّا يتكلّم في الموضوع.

أتساءل، هل قصدت إغفال بعد "تعاملنا" مع الله؟ أم ستدمج ذلك في تعاملنا مع العالم/الحياة؟

أعتقد أنّ-حتّى الملحدين-لديهم بعد التعامل مع الله وهو مؤثر جداً (فهم مثلاً يردّدون في كلّ لحظة لأنفسهم أنّهم رفضوا الله أو لا يعتقدون بمثل هذه الأفكار الغيبيّة، إلخ...).

أيضاً تحتاج نقطتك الثالثة إلى بعض التوضيح: ماذا تقصد بالضبط بالعالم من حولنا (لو نزعنا منه الآخر)؟ هل ما سيبقى هو الحيوانات والطيور؟ أم تقصد بالعالم الطبيعة أم تقصد البلاد الأخرى؟
أحتاج توضيحاً لهذه النقطة وشكراً.
ـ

 
At 12:43 PM, Blogger Amal said...

Great blog Mohammed...
i did not fully understand your selections, but enjoyed them nonetheless...
And thanks for visiting my blog (http://amalpoetry.blogspot.com) and for leaving a civil comment.... keep in touch.
amal

 

Post a Comment

<< Home